سيدي بوزيد: تستغلان ما تنتجه الأرض لتحدي البطالة..
حرفة تجفيف الخضر والغلال والفواكه وتقطير الزيوت النباتية والعطرية بطريقة عصرية بدأت تبرز أكثر خلال السنوات الأخيرة، على الساحة في مناطق عديدة من الجهات التونسية وخاصة في المناطق التي يعمل أغلبية سكانها في الزراعة على غرار مناطق معتمدية الرقاب التابعة لولاية سيدي بوزيد، التي شهدت ظهور العديد من ربات البيوت اللاتي أصررن على تحقيق مستقبل أفضل خاصة بعد إنسداد أبواب الشغل في الوظيفة العمومية رغم حصولهن على شهادات عليا..
منية عبيدي وعائشة عكروتي، اتّخذتا من هذه المهنة التراثية المتمثلة في تجفيف الفواكه والخضر والغلال وتقطير الزيوت النباتية والعطرية سبيلا للتحدي البطالة ومساعدة زوجيهما على إعالة أسرتيهما وتخطي الصعوبات المادية.. حيث استلهمت كلّ واحدة منهما فكرتها من النباتات المتوفرة بمناطق معتمدية الرقاب على الرغم من تباعد مقري سكناهما عن بعضهما (مسافة 13كم ).
تقول منية العبيدي: "شرعت في تجفيف الخضر والغلال والفواكه من بصل وثوم وفلفل وطماطم ونعناع وزعتر وإكليل وعطرشية ومشمش وعوينة ورمان وبرتقال ولوز وفسدق وتفاح وعنب وبذور وكل المواد التي تسمح بتحضير الوجبات الغذائية أو تستعمل كبديل للحلويات بالنسبة إلى الاطفال أو كبديل صحي لعموم الناس، وذلك بواسطة المجفف الكهربائي في المنزل بعد شرائها من الأسواق وفرزها وتنظيفها وتقشيرها وتقطيعها ثم تغليفها وتسويقها...
من جهتها، أكّدت عائشة بن أحمد العكروتي أنّ مهنة تقطير الأعشاب العطرية تعد مهنة تراثية توفر متعة كبيرة لا يشعر بها إلاّ من احترفها خاصّة إذا ألفها وورثها مثلما حصل معها، حيث اكتسبت هذه الحرفة عن والدتها رحمها الله..
وقالت إنّ ماء الزهر والنباتات المقطرة موجودة في العادات اليومية للعائلات التونسية بصفة عامة، ويستعملونها في صنع العطور والحلويات والعديد من المأكولات، فضلاً عن إستخدامها في معالجة الكثير من الأمراض وخاصّة حالات الإغماء وأمراض المعدة وتنشيط الدورة الدموية وأضحت تستخدمها ربات البيوت في تدليك أجساد أطفالهن الرضع.
وأشارت العكروتي إلى أنّ عملية تقطير الأعشاب العطرية تنطلق مع بداية فصل الربيع حتى نهاية فصل الصيف بإعتبار توفر الأعشاب العطرية على غرار إكليل الجبل و النعناع البري و الفواكه الفصلية ( لوز و فستق ) و غيرها من الأعشاب المفيدة للبشرة ( أدوية طبيعية) وقالت أن جودة المادة المقطّرة ترتبط أساسا بوفرتها و كثافتها ...
منية العبيدي وعائشة العكروتي توصيان كلّ ربات البيوت وكل الفتيات على اختلاف أعمارهن بضرورة إستغلال خيرات البلاد مما تنتجه أراضينا من خضر وغلال وثمار والعمل على تحويلها فيما ينفع عائلاتهن وخاصة في ما يتعلق بمتطلبات المطبخ على مدار السنة في إطار الحد من النفقات الشرائية للخضر والغلال والفواكه الجافة ما قبل وما بعد الإنتاج الفصلي والتعويل على الذات في تخزين العولة وتقطير الزيوت النباتية والعطرية ولم لا الإنخراط في منظومة الإنتاج من أجل التسويق وإحداث موارد رزق ومشاريع إقتصادية من جهة أخرى.
ومنية وعائشة تتوقان إلى إحداث مشاريع نسائية ناجحة في المجالين اللذين اكتسبتا فيهما خبرة و تجربة محليا وجهويا وحتى وطنيا.
محمد صالح غانمي